آخر تحديث :الجمعة-18 أبريل 2025-03:50ص
وثائقيات


الأستاذ ناصر أحمد سعيد امزلاط حياة حافلة بالنضال الوطني والعطاء التربوي

الأستاذ ناصر أحمد سعيد امزلاط حياة حافلة بالنضال الوطني والعطاء التربوي
الخميس - 14 نوفمبر 2024 - 08:42 م بتوقيت عدن
-

« شخصيات تربوية يتناولها منتدى القارة التربوي بيافع محافظة أبين»


بقلم/ الأستاذ طاهر حنش أحمد السعيدي

مراجعة ونشر/ فهد حنش أبو ماجد


الأستاذ ناصر أحمد سعيد عاطف امزلاط السعيدي من مواليد 1950م منطقة امهاء حطاط يافع سرار محافظة أبين.

التحق بالمعلامة بمنطقته لتعلم القرآن الكريم عام 1962م على يد الفقيه قاسم ثابت العلوي مع عدداً من الدارسين من أبناء المنطقة حتى أجاد القراءة والكتابة، وحفظ بعض ما تيسر من سور القرآن الكريم، وفي منتصف الستينات من القرن الماضي أهتم به والده والحقه بمدرسة السلطان محمود بن عيدروس العفيفي في جعار ليواصل دراسته في التعليم النظامي بتلك الفترة حتى أكمل مرحلة التعليم الابتدائي، وكان أثناء دراسته نشيطا ومجتهداً، وكان من بين القيادات الطلابية التي تنظم المظاهرات والمسيرات الطلابية في جعار ضد النظام الأستعماري بتلك الفترة، وتم اعتقاله عدة مرات مع عدداً من زملائه الطلاب.

حاول أن يواصل تعليمه الإعدادي إلا أن ظروفه المادية لم تسمح له بمواصلت الدراسة، واكتفى بالمستوى الدراسي للصف الأول إعدادي فقط ليلتحق مباشرة بالسلك التربوي تاريخ 1971/1/1م، وكان توزيعه في مدارس المديرية الغربية المحافظة الثالثة المركز الأول لبعوس وتحديداً مدرسة الشهداء بر بوادي ذي ناخب، واستمر بالعمل فيها ثلاثة أعوام دراسية، وخلال فترة عمله كان من أنشط المعلمين بالمدرسة، وأكثر أنضباطاً وولوعاً بالعمل، وكان مساهماً بكافة الأنشطة المختلفة التي كانت تقيمها اللجان الجماهيرية في المنطقة، وفي مقدمتها تدريس محو الأمية، والحراسات الليلية، والمبادرات الجماهيرية، وتحصل على عدداً من الشهائد التقديرية ورسائل الشكر تقديراً لتلك الجهود التي كان يقوم بها، وكان يحظى بتقدير واحترام الطلاب والمعلمين والأهالي.


انتقل الأستاذ ناصر في العام الدراسي 74/73م إلى مدرسة الطلائع الثورية بسرار معلماً للمواد الاجتماعية، وهذا العام تقريباً تم فيه عملية دمج مدرسة

المقيصره ذكور ومدرسة 30 نوفمبر أناث في مدرسة وأحدة سميت مدرسة الطلائع الثورية سرار تحت إدارة مدرسية وأحدة كان يديرها الأستاذ علي حسين علي، وكانت تتكون أنذاك من 11 شعبة منها خمس شعب دراسية في المقيصرة من الصف الأول إلى الصف الخامس، وست شعب دراسية من الصف الأول إلى الصف السادس في المدرسة الأم مدرسة الطلائع، وفي ذلك العام جلس فيه طلاب الصف السادس للامتحان الوزاري لإكمال مرحلة التعليم الابتدائي لأول مرة في هذا المبنى الجديد بعد أن تخرجت ثلاث دفعات لإكمال مرحلة التعليم الأبتدائي في مدرسة المقيصرة الأم سابقا، وقد بلغ إجمالي الطلاب في ذلك العام 381 ذكور، و 178 أناث، وعدد المعلمين 13معلماً من بينهم معلمتين.


عندما تعينت معلماً في مدرسة الطلائع الثورية في العام الدراسي 76/75م كان الأستاذ ناصر أحمد سعيد المعلم الوحيد الساكن في عزبة مستأجراً أحد الدكاكين القديمة أسفل حوج، وكان يعتبر لي أول صديق وزميل في العمل بتلك المدرسة، ففي بداية ذلك العام الدراسي كان يشغل نائب مدير المدرسة فرع المقيصرة، ومعلماً للمواد الإجتماعية للصفوف الدراسية السادس إنتقالي، والصف السابع «الأول إعدادي» بالمدرسة الأم، وفي منتصف الفصل الدراسي الثاني تم تكليفه بإدارة المدرسة نظراً لترشيح مدير المدرسة للعمل في التوجيه الفني، وللأمانة فقد استفدت من خبراته الإدارية والتدريسية بحكم حداثة توظيفنا، فكان معلماً نموذجياً من حيث الإعداد المسبق للدرس، وطرق وأساليب التدريس، واستخدام الوسائل الايضاحية والمعلومات، وكان متابعاً ومطلعاً بشكل ممتاز للمناهج واللوائح.


كان لدى الأستاذ ناصر القدرة على نسج العلاقات الطيبة مع الطلاب والأهالي، وكان طموح لرفع مستواه الدراسي بحيث استطاع أن يكمل المرحلة الإعدادية، وبطريقة الأنتساب خلال عمله بمدرسة سرار، ولم يتوقف عند هذا بل استمر بمواصلة رفع مؤهله الدراسي بطريقة الأنتساب عبر إدارة الامتحانات عدن ليكمل الثاني ثانوي واستطاع أن يوفق بين عمله التدريسي والإداري والتأهيل، وكان مساهما بكافة الأنشطة التي كانت تقام في المنطقة وأهمها الحراسات الليلية والأعمال الطوعية وتدريس محو الأمية نساء ورجال، وفي ذلك العام تم تثبيت صفوف المتابعه لمحو الأمية نساء في مدرسة سرار للصفوف الدراسية الثاني، والثالث، والخامس ابتدائي، وكان للأستاذ ناصر أحمد دور في تشجعينا على مواصلة الدراسة أنا وعدداً من الزملاء المعلمين الجدد وعدم الاكتفاء بالمستوى الإعدادي، وزودنا بالكتب والمراجع لهذا الغرض.


تحصل الأستاذ ناصر على شهادة الدبلوم الوزاري من خلال مواصلته للدراسة أثناء العطل الصيفية من مركز التدريب والتأهيل عدن، واثناء العطلة الصيفية للعام الدراسي 76/75م كان ظمن الملتحقين بالدورات التدريبي التي نظمتها وزارة التربية والتعليم بعواصم المحافظات أثناء تغيير السلم التعليمي الجديد لمناهج المدرسة الموحدة ذات الصفوف الثمانية طريقة ومادة تخصص اجتماعيات للصف الخامس، وخلال عمله بمدرسة سرار تحصل على العديد من الشهائد التقديرية ورسائل الشكر لدوره المتميز وعطائه التربوي الرائع.


وفي العام الدراسي 77/76م انتقل إلى مدرسة امسدارة التابعة للمديرية الجنوبية جعار واستمر فيها عامين دراسيين باعتبار أن هذه المدرسة هي الأقرب إلى سكنه بعد أن عمل أكثر من خمسة أعوام بعيداً عن أسرته، وفي العام الدراسي 79/78م انتقل إلى مدرسة الشهيد حسين زين عاطف في ركب حطاط ليستقر بمنطقة سكنه، وتمكن خلال عمله بتلك المدارس من إكمال مرحلة الثانوية العامه للقسم الأدبي بطريقة الانتساب، وبحصوله على هذا المؤهل كانت إمامه فرصة ثمينة للتأهيل الجامعي، وذلك بهدف تطوير معارفه العلمية وتنمية مهاراته المهنية، وتحسين مستواه المعيشي من خلال الترقيات التي كانت تمنح للمعلمين لحصولهم على مؤهلات جديدة، وكان من ضمن المرشحين للدراسة الجامعية في كلية التربية زنجبار بالعام الجامعي 81/80 م مساق الدبلوم قسم الإجتماعيات بحسب المقاعد الخصصة لتأهيل المعلمين، ومن المصادفات الجميلة والرائعه اننا التقينا للمره الثانية بالأستاذ ناصر زملاء دراسة في تلك الكلية بالعام الدراسي 82/81م وبنفس التخصص بعد حصولنا على شهادة الثانوية العامة للقسم الأدبي وبطريقة الانتساب للعام الدراسي81/80 م أنا وزميلي الأستاذ محمد حيدرة سالم، وكان الاستاذ ناصر أحمد من أبرز الطلاب بالدراسة والنشاط السياسي بالكلية وبعد التخرج أعيد ترتيبه للعمل في مدرسة ركب حطاط.


تم ترشيح الأستاذ ناصر أحمد في عام 1983م للسفر إلى كوبا للعمل في مدرسة ردفان 35 في جزيرة الشباب، أو كما كانت تعرف بجزيرة الصنوبر هذه المدرسة أو المعاهد المتوسطة التي تأسست عام 1982م لتأهيل عدداً كبيراً من طلاب اليمن الديمقراطية بحكم العلاقات التي كانت تربط البلدين المنتميين للمنظومة الأشتراكية، وكانت أول دفعة من الطلاب تم إرسالها عام 1982م تتكون من 600 طالب من كل محافظات الجمهورية، وبعدها استمر إرسال الطلاب في كل سنة مابين 300 إلى 400 طالب بما فيهم من مدرسة النجمة الحمراء في صبر لحج والبدو الرحل في زنجبار أبين، وتطلب الأمر ارسال مجموعة من الكوادر التربوية ذات الخبرة والكفاءة العملية والعلمية، والمتخصصين في مواد اللغة العربية والمواد الاجتماعية بهدف نقل المعلومات والمعرفة لتاريخ بلادهم الأصلي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من خلال المحاضرات والندوات المكلفين بتنفيذها، وتدريسهم اللغة العربية الأم إضافة إلى الأشراف والرعاية والمراقبة للطلاب والأعتراض على أي معاملات قاسية أو تعسفية من قبل المعلمين الكوبيين الذين يدرسونهم المناهج باللغه الأسبانية، ومن بين هولاء المعلمين المبتعثين كان الأستاذ ناصر الذي شغل نائباً لمدير المدرسة الاستاذ محمد سالم شلب لفترة زمنية، وكان من ضمن المعلمين المبتعثين محمد شائف أحمد، وعلي فريد، وسمير عفارة، وآخرين، وما يتميز به الأستاذ ناصر أنه كان ملتزماً، ومداوماً في كل السنوات التي خدم فيها، وكان أكثر حضوراً كما كانت له هيبة وأحترام بين الطلاب ولديه القدرة على حل المشكلات التي تواجه الطلاب في الجوانب العلمية والصحية وتلك الشهادة من احد تلاميذه في كوبا الأستاذ عبدربه حسين تيتو، وبعد أنتهاء الفترة المحددة له نهاية عام 85م.


عاد إلى الوطن وأثناء احداث يناير 1986م المشؤوم تعرض للاعتقال، وهذا الاعتقال يختلف عن الاعتقالات السابقة التي قد سبق وأن تعرض لها عندما كان طالباً منتصف الستينات، وبعد تلك الأحداث الدامية مباشرة تم ترتيبه رئيساً لقسم التربية والتعليم في الدائرة الايديولوجية لمنظمة الحزب في محافظة أبين، واستمر في هذا القسم حتى عام 1990م، وبعدها تم تكليفه بمهام نائب مدير ثانوية جعار حتى نهاية عام 1994م، وانتقل عمله في عام 1995م إلى موجه مقيم في ثانوية 26 سبتمبر الحصن واستمر في هذا العمل حتى بلغ أحد الأجلين وأحيل للمعاش التقاعدي عام 2008م.


الأستاذ ناصر رائداً تربوياً وعلماً من أعلام التربية والتعليم في مدارس يافع وأبين وكادراً تربوياً عاصر المناهج التربوية المختلفة وأثبت كفائته وقدراته العملية من خلال خدمته في المجال التربوي والتعليمي معلماً، وإدارياً، وموجهاً، ومشرفاً.

كان يتقاضى راتباً تقاعدياً ما يقارب 100000 ريال، وهذا الراتب لايتلائم مع خدماته المتفانية خلال مسيرة حياته النضالية في المجال التربوي والتعليمي لفترة 38 عام حيث حرم من بعض المستحقات والتسويات واستراتيجية الأجور والعلاوات السنوية.


كان يعاني الأستاذ ناصر من بعض الأمراض منها السكر والضغط، وعلى أثرها تعرض لجلطة أودت بحياته، وانتقلت روحه الطاهرة إلى باريها عام 2014م

الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته.


تحية وتقدير للأستاذ سالم سعيد عبدالقوي على تواصله معنا وتزويدنا ببعض المعلومات.