-مذكرات شخصية توثيقية تاريخية يرويها ويستعرضها الاخ الاستاذ القدير/عبدالقادرالصبيحي الناخبي.
-إعداد وتقديم /نائف زين ناصر النسري .
اكملت اجراءات اعفائي من التجنيد ظهرا بدائرة التجنيد بزنجبار الواقعة بادارة المحافظة القديمة ركبت باص الدبج المتجه صوب جعار بعد غياب دام ستة اشهر وهي اول مرة بحياتي اغيب عن جعار اكثرمن شهرين وعندما وصلنا امام الارشاد الزراعي بجعار كان الشارع مزدحم وقت مرواح العمال والطلاب وكنت انظر من نافذة الباص لعلي اجد بطريقي من تعلق به قلبي بالشارع عائدا من مدرسته .. نزل احد الركاب بالجمروك فنزلت معه ومعي حقيبة ملابسي وبعض الهدايا الخفيفة اشتريتها من سقطرى جلبها التجار الى هناك من عمان وكذلك سمكة الشروخ جففتها و دبستها على كرتون وعندما وصلت طرف الحارة نكرني بعض ممن كان هناك فقد تحولت بشرتي الى السمره من شمس سواحل الجزر الاستوائية وصرت خشن البدن من تدريبات العسكره ، عرفوني وسلموا علي وقدموا لى التهنئة بالنجاح والتفوق الذي حققته بامتحان الثانوية العامة
اقتربت من البيت وانا اترقب نظرة تسر خاطري ممن شغفني غيابهم
كانت حصة جدي كوفية و رطلين حلوى صوري للعيال وزوجين شنبل وزعتها وكشيدة لعمي هذا كل ما عندي
كان استقبالهم لي حار وساد الفرح والسرور وتجمع الاهل والاقارب وحظيت بلقاء الجميع ثم التفوا حولي ينشدون اخباري وكنت اقول لمن يسألني عن وجهتي القادمة
غدا ساذهب الى كلية الطب أسمي مسجل فيها..
بكرت صباح اليوم التالي متوجها الى مدينة الشعب متنقلا بالمواصلات من منطقة لاخرى وانا مضطرب ومتوتر احسب حساب المقابلة واخشى من باب الحذر من فشلي وعدم قبولي بالكلية حتى بلغت مكتب مسجل جامعة عدن
مصطفى ياسين راجم نار سلمنا على بعض ثم أخبرته بأني مسجل بكلية الطب وقد تأخرت بسبب التجنيد وقدمت له دفتر الاعفاء أخذ الدفتر وتأكد من تاريخه ثم فتح سجل كلية الطب ووضع علامة امام اسمي وابتسم
سحب استمارة وملأها بالمعلومات ثم وقع عليها وختمها وناولها لي قائلا اذهب بها كلية الطب خور مكسر .
لاحظت عليه ثقته بنفسه يعمل بجد وينظر الى النتائج على الاوراق ولا ينظر الى الجيوب او المحسوبيات
خرجت من عنده وانا اعتقدت اني قد تجاوزت المقابلة وانه قد قبلني ظمن طلاب كلية الطب فلم تسعني الارض من الفرح وسرت مسرعا الى الخط العام بالحسوة امام اشجار الطاري واوقفت سيارة بيكاب تعمل اجره بين البريقا والمنصوره ركبت بالخلف وكانت مليان ركاب حريم ورجال وجلست وورقتي بيدي وكأن لسان حالي يقول للركاب معكم الدكتور انظروا اليه احترموه فهو سيعالجكم ويخدمكم غدا وكنت اخيط الاحلام الوردية اقول لنفسي ساعالجها واقدم لها الخلطةالسحرية وسترتمي باحضاني واحلم واحلم حتى قال السائق اصحاب كالتكس ينزلوا
نزلت واستقليت سيارة اخرى الى الخور وانا طاير من الفرح وصلت البوابة ودخلت الى ساحة الكلية وقت خروج الطلاب انذهلت لما رأيت الزميلات اشكال والوان بمقاسات مختلة من حجم الفنانة فيروز الى ليلى علوي وتفكيري مخ عربي اذا شاف الخروف سن سكينه يشتي يتلحم .
وسط ذهولي هز كتفي زميلي بثانوية زنجبار صادق عبدالقوي دكتور العظام الان بلبعوس تعانقنا ودلني على الادارة.
قدمت ورقتي للمسؤول ولم يقراها بل اخذ ملف فيه لست اسماء وسجل اسمي واكمل الخانات المقابلة للاسم ثم كتب على ورقتي يؤجل لدراسة العام القادم واعتذر لي وقال الفصل الاول انتهى ثم أكمل خذ الورقه وأعيدها لمسجل الجامعة
خارج المكتب ودعت صديقي وانا اتحسر لعدم قبولي وانظر الى بنايات الكلية التي كانت عادية بينما ثانوية زنجبار افضل منها حداثه آنذاك
خرجت من الكلية مكسور الخاطر وانا اردد التجنيد والجزر ضيعتنا وقد عيدنا عيد الاضحى بسقطرى واشترينا حوالي مائة وعشرين راس غنم ووضعناها بجوار المعسكر كانت رخيص على عشرة وخمستعشر شلن فقط ، والمجندين الحضارم كانوا يحرجوها بالذبح لكن يحسنون طبيخ الحنيذ والمظبي وبالليل كنا نخرج ندور شرح بالقرى المجاورة للمعسكر مثل كلب الوليمة يتسمع فين دقة الطبل ويجري جهته ونمسي طول الليل نرمص يعني نرقص مع السكان المحليين .
ضماري ومصروفي ثلاثة شلن
اثنين لزين والثالث سجارة وقات
رجعت الى الرجل الضخم مصطفى ياسين بمدينة الشعب ولم يستغرب لرجوعي كانه كان يدري باللي صار معي.
كتب على الورقة تحويل الى ادارة التربية محافظة ابين .
خرجت من عنده مهموم ومتأخر عن الغداء وركبت الى كريتر واكلت اكلة خفيفة ثم زاحمت على تذاكر دخول ملعب الحبيشي مباراه من العيار الثقيل الشباب والواي تمتعت ونسيت همي مؤقت
ركبت بعد المباراه الى العريش ومنه ركبت متجه الى جعار ومسجل السيارة به عطروش يغني
"قضيت العمر حبه ودوب اجري وراه
وخاف للورد يذبل واقنع من جناه "
وميلت راسي الى باب السيارة وسرحت الى الخلف اقلب الذكريات عندما كان عمري اثنعشر عام وانا واقف على باب مجلس النساء كانت واحدة من الضيوف تقول لها انت عروست ابني رددت عدة مرات لا لا حريوي عبدالقادر انتابني خجل شديد وبعد ذهاب النساء ضربتها وكدت اخلع شعرها
"طرفه "
ذهبنا الى ساحة الشهداء بعام ١٩٨٤ م في يوم غيم لم نرى الشمس فيه وكنا مجموعة ومعنا عمي عمر فلاح وسائق تكسي وركبنا الارجيحة المدورة العالية وكانوا كلما امتلات كبينة دوروها ليملاؤا الاخرى حتى استوينا بالقمة فرأى عمي الحزام الاخضر وشريط البحر والافق المتسع قال الله ينصرش ياحكومة الثورة لحقنا الملاهي آخر زماننا.
دارة الارجيحة بسرعة وارتفع صياح النساء والاطفال خوفا وعمي كان يمسح وجهه يقول مطر ولما وقفت الارجيحة كانت فوقنا كبينة مليئة بالاطفال والنساء والبول يصب فوق عمي
قال له عمي الآخر الله ينصرش يا حكومة الثوره غسلتينا بالبول آخر زماننا.
انتهى الجزء الرابع