آخر تحديث :الجمعة-18 أبريل 2025-03:50ص
إقتصاد


حرب ترامب التجارية وتداعياتها على الاقتصاد المحلي والعالمي والشراكات الدولية

حرب ترامب التجارية وتداعياتها على الاقتصاد المحلي والعالمي 
والشراكات الدولية
الأحد - 06 أبريل 2025 - 05:12 ص بتوقيت عدن
- أبين تايم/ وكالات

تحليل/جيهان منصور:

في 2 أبريل 2025، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن مجموعة شاملة من الرسوم الجمركية، مما مثّل تحولًا كبيرًا في سياسة التجارة الأمريكية. أُطلق على هذه الإجراءات اسم "رسوم يوم التحرير"، وتفرض رسومًا جمركية بنسبة 10% على جميع السلع المستوردة، مع نسب أعلى بكثير على بعض الدول – إذ تواجه الواردات الصينية رسومًا تصل إلى 70%، وفيتنام 46%، والاتحاد الأوروبي 20%. بينما حصلت كندا والمكسيك على إعفاءات جزئية بموجب اتفاقية USMCA، إلا أن العديد من منتجاتهما ما زالت تخضع لرسوم بنسبة 25%.


التأثيرات على الاقتصاد المحلي


أثرت هذه الرسوم على الاقتصاد الأمريكي بشكل فوري وعميق. فقد تفاعلت الأسواق المالية بشكل سلبي، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 6%، ومؤشر Nasdaq بنسبة 5.8%، ومؤشر Dow Jones بنسبة 5.5%، مما أدى إلى خسارة تقدر بـ 6.6 تريليون دولار من القيمة السوقية خلال يومين فقط. تضررت القطاعات المرتبطة بالطاقة بشدة، حيث سجلت شركات مثل Woodside وSantos انخفاضًا بأكثر من 9% وسط تراجع أسعار النفط. ويتوقع الاقتصاديون أن ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 2.3%، ما يعادل زيادة سنوية قدرها 3,800 دولار على الأسرة الواحدة. كما يُتوقع أن يرتفع التضخم إلى أكثر من 4%، مع انخفاض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.1% بحلول نهاية العام.


تأثير الرسوم الجمركية على أسعار المواد الغذائية


من المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى زيادة أسعار العديد من المواد الغذائية المستوردة. على سبيل المثال، ستتأثر أسعار القهوة بشكل خاص، حيث تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجاتها من القهوة. بالإضافة إلى ذلك، قد ترتفع أسعار المنتجات البحرية مثل الجمبري (الروبيان) والفواكه والخضروات المستوردة، مما يزيد من تكلفة سلة التسوق اليومية للمستهلك الأمريكي.


تأثير الرسوم الجمركية على أسعار الملابس


تعتمد صناعة الملابس في الولايات المتحدة بشكل كبير على الواردات من دول مثل الصين، فيتنام، وبنغلاديش. مع فرض رسوم جمركية تصل إلى 54% على الواردات الصينية و46% على الواردات الفيتنامية، من المتوقع أن ترتفع أسعار الملابس بنسبة تصل إلى 17%. هذا الارتفاع سيؤثر بشكل خاص على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث تشكل الملابس جزءًا كبيرًا من نفقاتها الأساسية.


تأثير الرسوم الجمركية على أسعار الإلكترونيات


تُصنع العديد من الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، في دول مثل الصين وتايوان. مع فرض رسوم جمركية بنسبة 54% على الواردات الصينية و32% على الواردات التايوانية، من المتوقع أن ترتفع أسعار هذه الأجهزة بشكل كبير. على سبيل المثال، قد يرتفع سعر هاتف iPhone 16 Pro Max من حوالي 1,599 دولارًا إلى ما يقرب من 2,300 دولار إذا تم تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلكين.


التأثير على صناعة السيارات وأزمة الإنتاج


فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية بنسبة 25% على السيارات المستوردة وقطع الغيار، مما أدى إلى توقعات بارتفاع كبير في أسعار السيارات الجديدة. حذر صانعو السيارات من أن هذه الرسوم قد تزيد من أسعار السيارات بنسبة تصل إلى 25%، مما قد يؤدي إلى انخفاض المبيعات وتراجع الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه الزيادة في الأسعار إلى تراجع الطلب على السيارات الجديدة، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي ويزيد من الضغوط على المستهلكين.


التأثيرات على الاقتصاد العالمي


على الصعيد العالمي، أربكت هذه الرسوم الجمركية ديناميكيات التجارة. فقد ردت الصين بفرض رسوم بنسبة 34% على الواردات الأمريكية، مما أشعل حربًا تجارية متبادلة أثارت مخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي. وقدّرت مؤسسة JPMorgan احتمال حدوث ركود عالمي بنسبة 60%. كما حذر صندوق النقد الدولي من المخاطر الكبيرة التي تهدد النمو العالمي، مشيرًا إلى احتمالية ارتفاع التضخم وانخفاض أحجام التجارة.


تدرس دول عديدة إجراءات انتقامية. فالاتحاد الأوروبي يفكر في فرض رسوم على شركات التكنولوجيا الأمريكية، بينما اقترحت المملكة المتحدة فرض رسوم على أكثر من 400 منتج أمريكي. ومن شأن هذه التحركات أن تزيد من تمزق العلاقات التجارية الدولية وتُعطّل سلاسل التوريد القائمة.


التأثير على الشراكات الدولية


تسببت الرسوم الجديدة في توتر العلاقات مع الحلفاء والشركاء التجاريين التقليديين للولايات المتحدة. فقد أعربت دول مثل كندا والمملكة المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي عن رفضها الشديد، واعتبرت هذه الإجراءات غير مبررة ومضرة بالمصالح الاقتصادية المتبادلة. ويمثل هذا التوجه الحمائي ابتعادًا عن عقود من السياسات الأمريكية التي كانت تدعم تحرير التجارة العالمية، مما قد يؤدي إلى إعادة تقييم التحالفات الاقتصادية والشراكات الدولية.


الخلاصة


أطلقت إدارة ترامب، من خلال "رسوم يوم التحرير"، موجة من الاضطرابات في الاقتصادين المحلي والعالمي. وبينما تهدف الإجراءات إلى تعزيز التصنيع المحلي وتصحيح الخلل في الميزان التجاري، إلا أن نتائجها الفورية تشمل اضطراب الأسواق، وارتفاع الأسعار على المستهلكين، وزيادة التوترات مع الشركاء الدوليين. وتبقى التبعات طويلة الأجل غير واضحة، لكن الاتجاه الحالي يشير إلى تحديات كبيرة تنتظر الاستقرار الاقتصادي والتعاون الدولي.