مذكرات توثيقية تاريخيةيرويها /الأستاذمنصور العطوي حفظه الله
يكتبها/ الأستاذ زين الشيبه حفظه الله
انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945م
وبانتهائها انتشرت الامراض بسبب إستخدام السلاح النووي وانتشار المجاعة وشحة الأمطار وجفاف الأراضي الزراعية في شمال اليمن وجنوبه وأثر انقسام الدول المتحاربة سلباً على التجارة العالميه وانتشار الامراض المعدية وفي عام 1950م وعمري 9 سنوات حيث والدي قد توفّي رحمه الله حيث كان يذهب بعض سكان المنطقة إلى المقبرة لحفر قبر المتوفي من الأهالي وقبل أن يعود هؤلاء إلى القرية أو قبل دفن المتوفي الأول إذ ينادي منادي من نفس القرية بحفر قبر ثاني لمتوفي آخر قد يكون من الأسرة التي دفن المتوفي الاول منها ووصل عدد الموتى في بعض الايام من 3-2 أشخاص من سكان تلك القريه حتى انعدم الكفن ويتم تكفين الأموات بملابسهم القديمة وفي تلك الأيام كنت أذهب صباحاً كل يوم لرعي شاتي التي تحلبها أمي صباحاً ومساء وتسقيني حليبها حفاظاً منها على صحتي وخوفاً علي من المرض والموت رحمة الله عليها كما مرض أخي الأكبر حسين وتوفي يرحمه الله وفي المراعي كنت انقب في جدران المدرجات عن أصابع الجدمل والخسمع وعلى أوراق الحوى والسكب والشعوس لٱكله وإذا لم توفر لنا الخبز المحمط فتلك نعمة كبيرة أما عند حصولنا على القصاص والحدل الحامض نعتبره ترف وأما البطيطا في مواسمها التي تزرع في الجبال ومنها جبل الشنابك يُعتبر في ذلك الوقت من ينعم باكلها يوازي اليوم ماياكله في دول الخليج وفي مواسم قدوم الجراد الصحراوي كنا نسابق طيرانها ولمعرفة هبوطها ليلاً لجمعها على ضوء الفوانيس وعلبة الغاز وعند العودة في الصباح يتم انجاحها "طبخها" في التنور وفرشها على سطوح المنازل حتى تجف ورشها بالماء المخلوط بالملح وتحفظ خصار الطعام طوال العام السعيد وفي السنوات الماضية أرسل الي كيس من الجراد من الزملاء واكلت منها أمام اولادي وأحفادي وأنا اتلذذ بمذاقها وهم يتقززون ويسخرون من تناولي لها حتى توقفت عن اكلها.
وفي ذات يوم والعبد الفقير منصور في وادي سرار عاري البدن حافي القدمين إلا من قطعة كارتن تستر عورتي فاذا بي أشاهد موكب كبير من الرجال بعضهم على ظهور الجمال وثلاثة رجال إنجليز على ظهور الخيول لبسهم بالنسبة لي غريب سراويل وشمزان وأحذية وجوارب وبرنيطة (قبعه) على رأس كلاً منهم قبعة قادمين من جعار عبر حطاط إلى القاره بدعوة سلطان يافع عيدرس بن محسن العفيفي يرحمه الله لزيارة يافع بعد دخول بريطانيا منطقة الساحل التي أسسوا فيها لجنة أبين الزراعية وهذه هي المره الأولى التي تطا أقدام الإنجليز أرض يافع وعاصمتها القاره.
ولما لاحظ أحد الإنجليز شكلي الغير طبيعي بالنسبة لهم وكان جزء من رأسي محلوق وثلاث مناطق من رأسي عليها شعر طوله 10 بوصات وحسب الإعتقاد لا يحلق إلا بعد زيارة 3 مساجد وذبح رأس غنم وضوء عند كل مسجد ثم يحلق الشعر الأول لمسجد علي امبا بكر وشعر خلف الرقبة لمسجد السادة (آل باعلوي) والثالث منصر أبو سعيد على جبل عالي الإرتفاع ونزل أحد ركاب الإنجليز من على الخيل ووجه كاميره التصوير باتجاهي بهدف التقاط صورة لطفل مظهره غريب وشاذ في نظر رجل الغرب المتحضر ثم هربت بعيداً خوفاً من ان يقتلني والشاه بجانبي تجري وهو يلاحقني في السيلة حتى تعثر وسقط أرضاً ووقفت أضحك على سقوطه لكن تقدم احد الشيوخ المرافقين للإنجليز وأعطاني حبات نعنع وبعد أن تذوقت حلاوتها لأول مرة في حياتي وهدا من روعي ووقفت بجانب الشاه التي جرت بجانبي ونهض من كبوته والتقط لي صور من كل جانب واقنعني بالوقوف بجانب الشاه التي جرت إلى جانبي وبعد ذلك وصل الوفد البريطاني إلى قارة بن عفيف المحصنة بسورها الطبيعي الذي لامثيل له ولايستطيع أي مخلوق دخول القارة إلا من بابها الرئيسي السدة ولاتوجد في القاره آبار مياه غير سدود كبيرة وبرك مساجد لحصد مياه الأمطار الغير صالحة للشرب وكان السلطان قد طلب قبائل المكاتب( كلد يهر السعدي اليزيدي الناخبي)..لاستقبال الوفد الزائر الواقع بجانب منازل السلطان وكان رجال القبائل يرددون الزوامل والبعض من هذه الزوامل تهاجم قدوم الإنجليز وأعتقد بعض القبائل بأن وضع القبعات على الرؤوس هو كفر لانها تحجب عنهم رؤية السماء وقام بعض رجال القبائل بوخز أجساد الانجليز بالإبر مما أضطر السلطان الى إدخالهم منزله ومشاهدة الإحتفال والاستقبال من شرفة المنزل وكانت هذه الزياره الأولى والوحيدة الى يافع القاره و اقتنع الوفد الانجليزي بصعوبة دخولهم المنطقه ذات التضاريس الجبلية ورفض القبائل دخولهم..
وفي زيارة أخرى للضابط السياسي (المستر مآيلين) بدعوة من السلطان الشقي نكاية بالسلطان العفيفي وبدعم من سلطان العواذل أواخر 1960م ترافقه بعض رجال القبائل عبر طريق سلب امشقي ولكن وقفت قبائل سباح ضد تلك الزيارة بقيادة الشيخ الكهالي.. حيث اوقفوا الوفد الزائر في عقبة امدقيقه وردهم خائبين على أعقابهم بعد إصابة عدد من الجانبين وبعد ذلك قصف الطيران منزل محمد عيدروس العفيفي بسبب تحريضه لقبائل يافع ضد الاستعمار ثم نقل( المستر مآيلين) الضابط السياسي من أبين إلى ردفان والضالع محاولاً إخماد ثورة 14 أكتوبر عام1963م
وكان يشرف على قصف الطائرات للقرى والمنازل الثوار في ردفان وبعد الإستقلال أنتقل ميلن إلى الإمارات العربية المتحدة التي كانت تحت الإستعمار البريطاني وبعد الوحدة التي قتل جيشها عدداً كبيراً من أبناء الجنوب وطردوا من وظائفهم المدنية والعسكرية ونهب الممتلكات العامة وأراضي الدولة وتولي قيادة المحافظات الجنوبية المدنية والعسكرية من قبل الأشقاء الشمالبين..
حيث زار (المستر ميلن)
الضالع وردفان وخرج الثوار في استقباله والترحيب بزيارته حاملين لافتات الترحيب بقدومه وتقدم صحفي بسؤأل لقيادة مسيرة استقبال الضابط المستعمر القديم كيف لمن قاتل الإستعمار الإنجليزي في الماضي ان يخرج للترحيب بعودته فكان ردهم جميعاً دفع بنا الإستعمار الجديد من الاشقاء في الشمال الذي قتلنا وشردنا ونهب الحجر والأرض والشجر وجعل من بقي في الوطن يعض أصابع الندم وفي آخر زيارة (للمستر ميلن) لعدن وجه دعوة لبعض السلاطين المتواجدين في الجنوب والمشائخ لحضور لقاء في فندق عدن في خور مكسر في محافظة عدن في ذلك الوقت.
يتبع ..