آخر تحديث :الأربعاء-22 يناير 2025-10:48م
وثائقيات


الأستاذ القدير معبد ثابت محمد فاضل: حياة حافلة بالعطاء التربوي والنضال والتضحية

الأستاذ القدير معبد ثابت محمد فاضل: حياة حافلة بالعطاء التربوي والنضال والتضحية
الأربعاء - 04 ديسمبر 2024 - 08:26 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/وث


«شخصيات تربوية يتناولها منتدى القارة التربوي بيافع محافظة أبين»


كتب السيرة كل من:

الشيخ محمد حسن صالح

الأستاذ طاهر حنش أحمد

مراجعة ونشر/ فهد حنش أبو ماجد


*المولد والنشأة*

الأستاذ معبد ثابت محمد فاضل من مواليد 1941م سرار الفرع

المؤهل الدراسي: المرحلة المتوسطة

تعلم بالمعلامة القرآن الكريم وهو في الثامنة من العمر. بعدها عاش فتره من الزمن متنقلا في مناطق الداخل ما بين لحج وأبين وعدن لم يكتفي عند هذا المستوى الدراسي بل حاول الالتحاق بالتعليم النظامي لمواصلة الدراسة في مدارس الداخل لكنه توقف عنها في بداية المرحلة المتوسطة لأن ظروفه المادية لم تسمح له بذلك.


*التحاقه بالعمل التربوي والنضال الوطني*

وفي عام 1964م كان من ضمن القائمين بالتدريس في مدرسة المقيصرة سرار هذه المدرسة التي تم انشائها على حساب وزارة المعارف في حكومة الاتحاد «اتحاد الجنوب العربي» عبر القائم بالأعمال في سرار الشيخ زيد بن علي حيدرة العطوي والمصممة بشكل 4 براقات فقط، والتزمت الحكومة حينها بتوفير الكتب والمراجع والمستلزمات للطلاب بحسب المناهج السائدة بمدارس الداخل إلا أن الدراسة توقفت فيها فترة من الزمن بسبب الأوضاع التي كانت تمر بها المنطقة والبلاد بشكل عام قبل الاستقلال.

وبعد الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م كانت مدرسة المقيصرة المكان المناسب لتجميع الطلاب وتدريسهم لجاهزيتها حيث بدأ الأهالي في مناطق وقرى سرار بتسجيل أبنائهم للالتحاق بالدراسة بتلك المدرسة، وبعد محاولات عديدة لإقناعي التسجيل ضمن تلك الأعداد الملتحقة من قبل والدي الله يرحمه وافقت على دخول المدرسة وعمري يقارب الحادي عشر عاماً، وفي أول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة برفقة والدي الذي كان حينها ضمن الجهاز الإداري في المقيصرة وتوصلت والطلاب داخل الصفوف فأخذ بيدي أحد المعلمين متجهاً بي إلى إحدى البراقات الذي اتضح فيما بعد أن هذا الفصل الدراسي مخصص للمستوى الثاني (صف ثاني ابتدائي) وكان يتواجد مستوى ثالث ومستوى أول في ذلك العام وصرفوا لكل طالب 4 دفاتر وقلم رصاص ومسطرة وبراية وكانت الدفاتر التي صرفت لنا وفق النموذج التالي: --

1- دفتر للعربي ورقه مخطط أفقياً

2- دفتر للحساب وتخطيط ورقه مربعات

3- دفتر للرسم ورقه صافي بدون تخطيط

4- دفتر للعلوم ذات الورق المخطط لوجه والوجه الآخر صافي بدون تخطيط

وبعد الاستراحة دخل الفصل أحد المعلمين فإذا به يخط على الجدار المطلي باللون الأسود رسوماته المتمثلة بالسيف والجنبية والخنجر بتلوين رائع وجميل شد انتباه جميع الطلاب.. نعم إنه الأستاذ معبد الذي كان دائماً ميال للرسم والعلوم والأنشطة اللاصفية وكثراً ما كان يخرج بطلاب صفه في تلك الحصص إلى خارج الفصل لرسم المناظر الطبيعية من الواقع.. حينها أدركت أن التعليم في تلك المدرسة يختلف تماماً عن التعليم الذي تعلمناه بالمعلامة (الكتاب) في عام 1962م على يد الوالدين حيدرة سالم محسن، وقاسم ثابت العلوي عليهما رحمة الله.

لقد كان الأستاذ معبد في مقدمة المعلمين في تلك الفترة حيث بادر للعمل وبشكل طوعي، وربما جاء بتكليف من الجبهة القومية، وكان يقوم إلى جانبه بالتدريس المرحوم سعيد علي حسين، وبعد ذلك التحق بهما كل من الأستاذ المرحوم محمد سعيد محمد، والأستاذ باقري أحمد عامر وآخرين.

تعتبر مدرسة المقيصرة سرار أول مدرسة في مناطق يافع بدأت فيها الدراسة بعكس المناطق الأخرى الذي بدأ التعليم فيها قبل بناء الفصول الدراسية (المدارس).


يعد الأستاذ معبد ثابت محمد رائداً من رواد التربية والتعليم وعلم من أعلامها، فقد كان له الدور الكبير وزملائه في وضع اللبنات الأولى لبناء للتعليم في سرار وكان يعمل بصمت وهدوء ملتزماً مواظباً نشيطاً، وكل من تتلمذ على يديه ما زال يتذكر شخصيته وحضوره اليومي مصطحباً سلاحه الشخصي الكندة في معظم الأيام وخاصة السنوات الأولى من العمل.

استمر الأستاذ معبد في العمل المجاني حتى تم توظيفه رسمياً في سلك التربية والتعليم نهاية عام 1969م وكان الأستاذ معبد متفنناً في إعداد وتجهيز (العصيان) التي كان يجهزها من شجر الرمان، والذي كان يأتي بها على شكل (حزم) مرابط لكي يستخدمها المعلمون في العقاب البدني للطلاب.

ساهم الاستاذ معبد في تأسيس فرقة الكشافة بالمدرسة إلى جانب زميله الاستاذ هرش عقيل، وتم تشكيل فرقة الكشافة من عدد من الطلاب من مختلف الصفوف وكان الهدف من انشائها:-

مسابقات، ورحلات، وانشطة رياضية، وثقافية، وأعمال طوعية، ومبادرات للأعمال الخيرية، وحراسات ليلية، وتدريبات عسكرية، وتكليفات لمهام واجتماعات كما قام بتشكيل خلايا طلابية سرية تنظيمية للجبهة القومية في المدرسة من عدد من الطلاب.

وكان من المساهمين في تأسيس المركز الثقافي نادي شباب أبناء يافع سرار الذي تأسس في 1968/1/1م وسرعان ما تم تغيير اسمه إلى نادي شباب البناء الثقافي الرياضي الاجتماعي سرار هذا النادي الذي كان بمثابة السلطة المحلية هذا النادي كان ملتقى جماهيري داخل قسم سرار بحيث كان لهذا النادي دور كبير في تنظيم اللقاءات المتواصلة تلك اللقاءات التي خلقت جو من العلاقات الاجتماعية وروح الألفة والتعارف وكسر الحواجز القديمة، وساعدت على حل كثير من القضايا والاشكاليات بالطرق الودية والتسامح، وكان من ابرز أولويات تلك المراكز الثقافية:

فتح صفوف محو الأميه، وتعليم الكبار، وإقامة صفوف المتابعة وتنظيم العديد من الأنشطة الرياضية.

البدء بتحديد الاحتياجات الأولوية الأساسية للمنطقة، وفي مقدمة تلك الاحتياجات كانت:

مشروع مياه الشرب، وبناء المدارس لتعليم الأولاد بنين وبنات.

وكان للأستاذ معبد حضور متواصل مع المعلمين المنتدبين من خارج المنطقة، والساكنين في العزب لتهيئة الظروف والأجواء الملائمة للاستقرار.

وفي العام الدراسي 1974/1973م تم تعيينه مراقباً للقسم الداخلي في إعدادية الشهيد عبدالرحمن قحطان لبعوس وهي أول مدرسة إعدادية في يافع، وانتقل إليها الطلاب من مدارس كل من سرار، ورخمه، والرباط، لكنه انتقل العام الدراسي الثاني 1975/1974م مع طلابه إلى إعدادية رصد بعد استكمال بناء المدرسة الإعدادية رصد وتجهيزها مع ملحقاتها من مطابخ ومستودعات وقسم داخلي والمصمم على شكل براقات حيث تم افتتاح إعدادية رصد في العام الدراسي 1975/1974م وكانت وضعية المدرسة على الشكل التالي: -الصف الثاني وعددهم 73 طالب وهم الطلاب المحولين من لبعوس عدد شعبتين

الصف الأول وعددهم 238 طالب وعدد الشعب 6 شعب منقولين من مدارس رخمه، والمنصورة، والعمري، وحمومة، والشعب، وظبة، والعدنة، وسرار، وجميع هؤلاء الطلاب يسكنوا في القسم الداخلي.

وكان يدير المدرسة الأستاذ علي أحمد صالح

«يوجد لدي نسخة بالأرشيف الخاص مكتوبة بخط اليد بأسماء جميع الطلاب في ذلك العام»

كان طلاب الأقسام الداخلية يهابون مراقب القسم الداخلي وذلك لشدة اللوائح والنظم المعمول بها بالقسم الداخلي في تلك الفترة، وكل من عاش بتلك الأقسام الداخلية يعرف كيف كانت تنظم حياة الطلاب فيها؟

كان الأستاذ معبد شديد التعامل باللوائح والنظم مطبقاً لها بصرامة، وكان له حضور مستمر في القسم الداخلي.

استمر عمله مراقباً للقسم الداخلي ما يقارب خمسة أعوام دراسية، بعدها أعيد ترتيبه معلماً في مدرسة سرار الموحدة نهاية السبعينات، والتقيت بأستاذنا القدير معبد ثابت محمد في العام الدراسي 1983/1982م في مدرسة الشهيد محمد عبد عبدالله سرار عندما تم تعييني مديراً لها، وهي محطة عملي الخامسة بعد كل من مدارس المقيصرة، والخشناء، والمنصورة، وظلمان، حيث كانت مدرسة سرار الموحدة الأم وتتبعها الفروع التالية: المقيصرة، المجزع، قرض، حوج، أسفل الوادي، والتي اصبحت بعد عام 1994م مدارس مستقله بذاتها، ومنفصلة عن المدرسة الأم.

مدرسة سرار تم بنائها عام 1971/1970م وكانت مخصصة لتعليم البنات، وكان اسمها مدرسة 30 نوفمبر، والقريب في الأمر أن مدرسة المقيصرة التي تأسست أيام حكومة الاتحاد صارت فرع لمدرسة سرار بعد دمج التعليم المختلط بنين وبنات عام 1972م، وما يهمنا في هذا أن الأستاذ معبد وزملائه الأستاذ سعيد علي حسين والأستاذ محمد سعيد محمد رحمة الله عليهم استمروا بذلك النشاط والحيوية والانضباط للعمل والعطاء، وكانت معاملتنا لهم معاملة آباء ومربيين لنا، وكنت اخجل تماماً أن يأتي احدهم ليستأذن برخصة أو أي طلب من الإدارة وحديثنا عن الأساتذة محمد سعيد، وسعيد علي في سيرتهما الذاتية حديث ذو شجون.


*التكريمات التي حصل عليها*

حظي الأستاذ معبد بتقدير واحترام مقابل الجهد والنشاط الذي قدمه خلال فترة خدمته في المجال التربوي والتعليمي من قبل الإدارة التربوية حيث تم تكريمه بيوم العلم والمعلم على المستوى المركزي في صنعاء ثلاث مرات بحسب الشهائد المرفقة للسيرة الذاتية، وتم تكريمه على مستوى المحافظة وتحصل على العديد من الشهائد التقديرية ورسائل الشكر.

تم تكريمه من منتدى القارة التربوي ومركز نور العلم


*تقاعده ووفاته*

تقاعد الأستاذ معبد بعد أن بلغ الأجلين عام 2000م براتب وقدره 45000 ريال وتحصل على تسوية براتب 84000 ريال، ويعتبر من ضحايا النظام الفاسد الذي أصبح هذا المعاش لا يساوي شيء مقابل ما قدم من جهد وعطاء طيلة فترة عمله.

انتقل إلى رحمة الله تعالى تاريخ 5 أبريل 2021م بعد حياة حافلة بالعطاء التربوي والنضال الوطني.

نسأل الله تعالى أن يتقبله بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.