مر التعليم في الجنوب بمحطات ومراحل ماتزال محفورة في ذاكرة عددا من الذين عاصروا فترة التعليم وبدايات التعليم وتطوره سواءا قبل الاستقلال أو بعده ..التربوي القدير الأستاذ /منصور محمد العطوي واحدا من ابرز وأقدم التربويين في يافع وأبين ومن الذين واكبوا وأسهموا في محطات ومراحل التعليم والذي مازال يتذكر كثيرا من الأحداث والمحطات للتعليم منذ مايزيد عن نصف قرن ..التقينا به وتحدث إلينا عن قصة التعليم في مديرية يافع بني قاصد بعد الاستقلال الوطني ..وبداية قال :
"بعد استقلال الجنوب العربي عن بريطانيا في 30نوفمبر 1967م كانت مديرية يافع بني قاصد ذات المساحة الواسعة وعاصمتها جعار المنطقة الساحلية حيث توجد طرقات للسيارات ومراكز الشرطة ومحطة الكهرباء ومشروع المياه ومستشفى المخزن ووحدات صحية في المدن والقرى وست مدارس فقط أما المنطقة الجبلية الواسعة فلا توجد فيها إلا مدرسة ابتدائية واحدة شيدها الشيخ زيد بن علي العطوي "اطال الله في عمره " في سرار عام 1964م ووظف فيها ثلاثة مدرسين فقط هم الأستاذ /محمد سعيد العطوي والأستاذ سعيد علي حسين "رحمهما الله " والأستاذ /معبد ثابت وفي يناير 1968م بعد الاستقلال مباشرة أرسل وزير المعارف د.سعيد عبد الخير النوبان وفدا تربويا إلى يافع برئاسة 1- الأستاذ صالح عمر بن غالب "حفظه الله " مدير عام معارف محافظة أبين 2-الأستاذ القدير صالح عبدالله الحمزه "حفظه الله " 3-منصور محمد العطوي -مدير مدرسة جعار الابتدائية والقائم بمهام مدير معارف المديرية في جعار وقد تحرك الوفد يرافقه وفد إعلامي من المذيع عبد القادر سعيد هادي ومصور تلفزيون عدن علوي علي عبر طريق شقرة وقبل وصول مدينة العين سلكت السيارة طريق سلب امشق الوعرة ثم عقبة الدقيقة وسباح والوصول إلى منطقة الجرف قرية أهل بن حطبين وقد وصلت قبلنا في ذلك اليوم معدات الأشغال العامة بإشراف الأخ حسين عبدالرحمن السلفي مدير الأشغال العامة والمكلف من قبل وزير الأشغال بشق أول طريق إلى يافع رغم بعدها ووعورتها وكانت المسافة الباقية إلى لبعوس أربعة كيلو مترات فقط.
وعن الوفد المرسل من قبل وزير المعارف والمهمة التي أرسل بها يتابع الأستاذ منصور العطوي قائلا :
"ترجل الوفد وسلك عقبة الصلوله سيرا على الأقدام وتجاوز العقبة مرورا بقرية آل عبدالصمد والسير عبر قرية آل الوالي المشهور عن أبنائها في مجال التجارة والطب والسياسة منذ القدم ومستشفى الوالي بعدن اليوم وكذلك عمادة كلية الطب خير دليل 'وعند وصول الوفد التربوي جمعية "إصلاح يافع "كان في استقباله رئيس الجمعية وقيادتها وشرح رئيس الوفد لأعضاء الجمعية هدف ومهمة الوفد التربوي وهو دراسة فتح صفوف أولية في المناطق ذات الكثافة السكانية والمطلوب المساعدة من أعضاء الجمعية وحث الأهالي بالتعارف وتكليف اللجان لجمع التبرعات من المهاجرين في الخارج ...وفي ذلك اليوم وصل إلى لبعوس المئات من أبناء مناطق يافع قادمين من عدن سيرا على الأقدام عبر منطقة العسكرية ويهر بهدف المشاركة في إنهاء الفتن بين القبائل المتحاربة وبمجرد وصولهم لبعوس علم أبناء القبائل بهدف القادمين من عدن وخرج جميعهم لاستقبالهم تاركين سلاحهم في منازلهم دليلا على استعدادهم ورضاهم لإنهاء الفتن والحروب التي عانوا منها طويلا وراح ضحيتها الكثيرين وقام الأهالي باستضافة القادمين من عدن طيلة مكوثهم في لبعوس ".
ويتابع :" كان رئيس الجمعية سالم عبدالله عبد اللاه الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الجمعة 23سبتمبر 2016م رحمه الله وكان له إضافة إلى زميلي في مدرسة جعار الشيخ عبدالله قحطان عضو مجلس الشورى حاليا كان لهما فضل كبير ودورا بارزا في إنهاء الحروب بين قبائل يافع وفي ذلك الوقت انتهت الحروب بين القبائل وترك المواطن سلاحه معلق في منزله وحتى الجنابي تركت وكان المواطن لا يستطيع الذهاب إلى الأسواق بعد ذلك وسلاحه على كتفه أو الجنبية في خاصرته خوفا من الإحراج وسخرية المواطن منه ومن كان يخرج بسلاح ائنذاك كان المواطنين ينادونه شامتين "ياقبيلي "دليل على السخرية والاستهزاء بل أن الكثيرين باعوا الجنابي وتعرضت البنادق المعلقة للصدأ...وعودة للحديث عن الوفد التربوي المرسل تم بعد ذلك توجه كل عضو إلى المنطقة المكلف ان يذهب إليها حيث كلف رئيس الوفد الأستاذ /صالح عمر بن غالب إلى بني بكر -لبعوس -المفلحي وكلف الأخ الأستاذ /صالح الحمزه إلى يهر-سباح -منطقة اليزيدي وانا إلى الغارة -سرار -ريف جعار وبعد ذهاب كل عضو لتنفيذ مهمته والجلوس مع قيادة تلك المناطق وتحديد المناطق ذات الكثافة السكانية وعدد المدارس المقترحة توجهت سيرا على الأقدام من القاره عبر سرار إلى جعار العاصمة ومقر عملي وتقدم الزميل عبدالقادر علوي ناصر بن سليمان بطلب العودة إلى رصد مسقط رأسه لافتتاح أول صف دراسي في الخربه في جلب كان يستعمل لخزن الأعلاف بعده تقدم الأستاذ عبد سالم المخيري الذي عاد من الهند بعد هجرة طويلة هناك بطلب العودة إلى مسقط رأسه سرار وباشر فتح أول صف دراسي في منطقة الخشنا وهو صف كان يستعمل لإيواء الحيوانات وتزوج بعد عودته وخلف ثلاثة أولاد واصلوا دراستهم وقد سررت كثيرا بعد علمي حصول ولده د.عارف عبد سالم المخيري على شهادة الدكتوراه بامتياز قبل أشهر. "
وعن ريف جعار وبعد وصول الأستاذ منصور محمد العطوي إلى ريف جعار استمرارا لمهمته الجليلة يواصل الأستاذ منصور حديثه قائلا :
"في ريف جعار تم توظيف ثلاثة معلمين براتب 200شلن لكل معلم على حساب مشروع السنت الذي كان يدفعه الفلاح على كل رطل قطن لصالح تطوير التعليم حتى يتم إلحاقهم ضمن الوزارة وهؤلاء المعلمين هم :الأستاذ ناصر صالح باشريمه -منطقة أفر شمال باتيس -الفنان محمد يسر الحاج -ساكن وعيص غرب جعار -الأستاذ حيدره عقيل -منطقة جحيصه شمال غرب الرواء وتكفل الأهالي ببناء صفوف دراسية من جذوع الأشجار وسقفها من الحصير والأشجار وتخرج عددا كبيرا من تلك المدارس كان الفضل لتطوير التعليم في محافظة أبين بشكل عام ويافع بشكل خاص لله تعالى ثم للأستاذ /صالح عمر بن غالب -مدير عام المعارف بالمحافظة الذي وظف معلمين ومعلمات من أبناء جعار وزنجبار ولحج المتقدمة في مجال التعليم كما ان من الذين أسسوا المدارس في المراحل الأولى للتعليم الأساسي الأستاذ /أحمد محمد صالح الصلاحي في مدارس يافع لعدة سنوات بعدها واصل دراسته العليا في الخارج وتحصل على درجة الدكتوراه وعاد للعمل في جامعة عدن وكذلك زميله محمد احمد اليزيدي الذي كلف بعد ذلك بإدارة معارف محافظة أبين."
وعن واحدا من أبرز المعلمين الذي أثروا الجانب التعليمي في تلك الفترة يتابع الأستاذ القدير /منصور :
"عدد المعلمين ائنذاك كان قليلا جدا وأقصد بعد الاستقلال الوطني ولعلي هنا لا أنسى واحدا من الذين قدموا خدمة جليلة في مجال التعليم إلا وهو التربوي القدير الأستاذ /صالح خميس يسلم الذي كان من أوائل الملتحقين في مجال التعليم وشغل مدير معارف في لبعوس وتخرج على يديه آلاف الشباب ويذكر عند أهالي لبعوس بالأستاذ القدير والمثالي وعرف للكل بأنه قمة في التواضع والأخلاق وكذلك أخوه صلاح خميس يسلم الذي التحق في مجال التعليم في لبعوس مبكرا وقد أحب لبعوس وأهلها وبادله أبناء لبعوس حبهم واحترامهم ولا يزال هو وأسرته هناك ..طبعا هذا كان فيما يتعلق بالتعليم بتلك الفترة بعد الاستقلال مباشرة في ما كان تعرف بمديرية يافع بني قاصد ذات المساحة الجغرافية الواسعة علما أن مأمور المديرية بعد الاستقلال كان الأخ المناضل /سالم صالح محمد وكانت العاصمة جعار اليوم نحن في العام 2016م ويافع اليوم ثمان مديريات جعار وسرار ورصد وسباح وتقع في التقسيم الإداري في محافظة أبين والمديريات الأربع الأخرى هي يهر المفلحي لبعوس بني بكر وتقع في التقسيم الإداري في محافظة لحج .
وعودة مرة أخرى إلى موضوع المدارس في تلك الفترة بعد الاستقلال حيث كان عدد المدارس قليل جدا سبع مدارس فقط وبعد ذلك وبفضل مشاركة الأهالي وأبناء يافع المغتربين تم بناء مدارس أخرى على نفقتهم الخاصة واليوم هناك مئات المدارس انتشرت هنا وهناك وتقريبا هناك اليوم 500مدرسة ابتدائية وثانوية تقريبا لست متأكدا من العدد بشكل دقيق إضافة إلى وجود كلية التربية في لبعوس والتي يحظى معلميها وطلابها بدعم أسرة المرحوم عمر قاسم العيسائي "طيب الله ثراه"كما تتحمل أسرة العيسائي رواتب المعلمين الذين يسدوا النقص في مدارس المديريات الثمان وحقيقة يؤسفني جدا تراجع تعليم الفتاة منذ ما بعد الوحدة المشئومة إلى اليوم بل وتراجع سلم التعليم في إطار عام وشامل وهو شي مؤلم وعن مديريات يافع الثمان أقول انه تخرج عددا كبيرا من أبناء هذه المديريات خلال سنوات طويلة وعقود في مجالات العلوم المختلفة وتولى عددا منهم مناصب عليا في الحكومة الوليدة".
التقاه/نايف زين 21اكتوبر 2016م